هل يُشعرك الاستثمار بالملل؟ إذا أنت على الطريق الصحيح

person holding blue ballpoint pen on white notebook

Photo by Lukas on Pexels.com

نعم. الاستثمار الجيد هو ذلك الذي يشعرك بالملل وليس الذي تستمتع به.

هذه المعلومة كانت من أوائل المعلومات التي تلقيتها من أساطين الاستثمار (وخصوصا مستثمري القيمة) في بداية مشواري في عالم إدارة الأموال الشخصية. وملخص الفكرة أن الأسلوب الاستثماري الأمثل هو ذلك المبني على الدراسة المتأنية للشركات قبل الاستثمار بها وتحليلها على أسس سليمة وواقعية، ومن ثم الاستثمار فيها بأرخص الأسعار وعلى فترات طويلة جدا. وبالتالي فإن هذا النهج الاستثماري من شأنه أن يبعث الملل في نفوس منتهجيه، ويجعل عملية الاستثمار عملية آلية بحتة لا متعة فيها ولا عاطفة.

في المقابل، فإن العديد من الأساليب الاستثمارية التي تعتمد على السرعة في اتخاذ القرارات والاستثمار على المدى القصير، فإنها مدعاة للاستمتاع والإثارة، ولكنها بطبيعة الحال ليست الأنسب لعموم المستثمرين من الأفراد، فهي مبنية على العاطفة وأبعد ما تكون عن المنطقية والواقعية في التحليل.

هذا الأمر يمكن ملاحظته على أرض الواقع من خلال التحاور مع بعض صغار المستثمرين الباحثين عن “الإثارة” في الاستثمار. فتجدهم تارة يتجهون للمضاربة في الأسهم مثلا، والتي تزودهم بتدفقات لا نهائية من هرمون الأدرينالين كلما صعدت البورصة أو هبطت. كما تجدهم في تارة أخرى يتحينون الفرص التي يعتقدون أنها “فرص لا تعوض” وأنها تُعرض عليهم لأنهم “مميزون” بصورة أو بأخرى. وبالتالي فإنهم يستثمرون بناء على العاطفة لا العقل. ويضعون رهاناتهم على أن الاستثمار لا بد له أن يكون ممتازا ما دام مثيرا وشائقا. ولكن للأسف، بمجرد تعرضهم للخسارة تلو الأخرى فإنهم يتدثرون بالأعذار الواهية والمعتادة كـ (البورصة للأغنياء وليس لنا، هناك من يتلاعب بأسعار الأسهم ونحن غافلون، الاستثمار بالأسهم لا يصلح في بلداننا العربية ..إلخ).

من يرغب بالاستثمار فعليه بالاستعداد الجيد والتعرف على النهج السليم لفعل ذلك. ويجب عليه كذلك تقبل أن الاستثمار يتطلب وقتا وصبرا وقناعة قد لا يطيقها العديد من الأشخاص، ولكن هذا هو شأن المتميزين في هذه الحياة، فلا نجاح بلا تعب وجهد وصبر.. والقليل من الملل.

 

 

 

كم تقدّمت اليوم؟

لأول وهلة، قد يبدو سؤالا غريبا. ولكن عند الإمعان فيه ومحاولة الإجابة عليه سوف تتضح ملامح هذا السؤال وتبرز أهميته والغاية منه.

كل من ينشد تطوير نفسه يعي تماماً أهمية التقدم في أي مسعى يختاره. فمن يرى نفسه في موضع متقدم (صحيا، ماليا، اجتماعيا.. الخ) عما كان عليه بالأمس، يدرك أنه قد تقدم وحاز مكانة لم تكن متاحة له بالأمس. وهذا الأمر هو لب تطوير الذات، وإلا فأي تطور ننشد إن كنا نقبع في نفس المكان الذي نحن فيه يوما بعد آخر.

قد يظن البعض أن التقدم الحقيقي يقتصر عل اجتياز العقبات العظام وتحقيق المستحيلات ولهذا السبب يستحقرون النجاحات الصغيرة والخطوات الخجولة للأمام، ولذلك تجدهم في الغالب لا يتمكنون من تحقيق أي شيء يذكر.

إن كنت راغبا في تطوير نفسك فعليك باحتضان التقدم مهما كان بسيطا وتذكر المقولة القديمة:

“تقدم ببطء ولكن لا ترجع للوراء”.

إدارة الأموال كمثال

كون هذه المدونة مختصة بتعزيز الوعي المالي للأفراد، فسأقوم بضرب مثال على أهمية التقدم البسيط في عالم المال.

يقتصر مسعى تعظيم الثروة للأفراد (بصورة مبسطة وعامة جدا) على أمرين:

١- تقليل المصروفات

٢- زيادة الاستثمارات

وكل ما يُقال ويُنصح به في هذا المجال يتمحور حول هذان الأمران. وعلى أهميتها، فبميسور أي شخص (نعم أي شخص) تحقيق تقدم بسيط فيهما وبأسرع وقت كذلك. والطريقة وبكل بساطة هي أن تمتنع ولو ليوم واحد عن الصرف على أمر لطالما شعرت بأنك مُسرف فيه (مطاعم، مقاهي، أجهزة تكنلوجية.. الخ) وبذلك تكون قد أتممت الأمر الأول (تقليل المصروفات) وأن تقوم بشراء سهم واحد فقط في شركة مدرجة بالبورصة وبذلك تكون أتممت الأمر الثاني (زيادة الاستثمارات).

فكرة سخيفة؟

أبدا. إنها الخطوة التي قد تنقلك من حضيض الكسالى والمتدثرين بالأعذار تجاه أوضاعهم المالية لتصل بك إلى مصاف أهل الحرية المالية والثراء.

قبل الحكم عليها، اعتبرها تجربة وشارك الآخرين نتائجها، فلعلها تكون الخطوة التي طال انتظارها والتي ستغيرك لتغدو إنسانا أفضل. وفي جميع الأحوال، تستطيع الرجوع لما كنت عليه إن لم تفلح هذه التجربة.

وختما تذكر، تقدم بسيط ومستمر هو كل ما تحتاج إليه.